موسوعة التعلم والتدريب
الرئيسية المقالات استشارات استبيانات المجلس المنتديات بازار التدريب
 



تصفح مقالاتنــا





free counters


مقالات ذات صلة


الأندراغوجي: نظرية التعلم

إمكانية نجاح نموذج الأندراغوجي

نموذج الكل-الجزء-الكل في التعلم

الإنجاز وعلاقته بتحفيز الطاقة لدى الآخرين

بعض الإرشادات حول استخدام عقود التعلم

نموذج تطوير فعالية عمل الموظفين في الوظائف والبيئات الجديدة




تابعنا في:
Facebook Twitter YouTube
المقالات >> تعليم الكبار >> تعليم الكبار >> مقدمة في تعلم الكبار:: نظريات التعلم

مفهوم نموذجي (الجزء والكل)

بواسطة: د. محمد بدرة, بتاريخ: الأحد, 13 سبتمبـر 2009
8875 قراءة


 

نادى العالمان "ريس" و"أوفيرتون" (1970) بوجود نموذج شامل لكل نظرية يساعدنا على صياغة المفاهيم النظرية (ص117). وذلك انطلاقاً من أن نماذج وجهات النظر العالمية أو الأنظمة الغيبية هي الأكثر شيوعاً. فقد غدت المرجع الرئيسي لإنشاء النماذج الأساسية التي تهتم بخصائص الجنس البشري وجوهر الحقيقة. كما أن لنظامي وجهة نظر العالم العنصرية ووجهة نظر العالم الشمولية الأولوية في العلوم الطبيعية والاجتماعية. فالعالم بالنسبة للنظام العنصري عالم ساكن وجامد, في حين أن النظام الشمولي يصور العالم كنظام حي يضم أشكالاً مختلفة من الكائنات الحية التي تمارس نشاطها وفق علاقات منظمة. (انظر الجدول 3-2).

 

النموذج العنصري

 

النموذج الشمولي

 

- يصور العالم كآلة.

- يبدو العالم من خلاله مؤلفاً من عناصر مستقلة تعمل وفقاً لمبادئ زمانية ومكانية.

- الإنسان في هذا النموذج هو كائن تفاعلي قادر على التكيف مع محيطه.

- يصور العالم كوحدة تفاعلية, تطورية, متناسقة الأجزاء.

- الإنسان وفقاً للنموذج الشمولي هو كائن تفاعلي وتكيفي.

 

فالنموذج العنصري يمثل العالم كنظام يضم نماذج مختلفة خاضعة لمبادئ زمانية ومكانية. تسود هذه النماذج -العناصر الصغيرة المتحركة- علاقات محددة, والتي بدورها تشكل الجوهر الأساسي لجميع الظواهر المعقدة. فتتابع الأحداث يعد نتيجة حتمية لتدخل القوى في عمل النظام. وبما أن هذه القوى هي المحرك الرئيسي والمباشر للأحداث, فمن السهل استباق هذه الأحداث من حيث المبدأ. يؤكد "ريس وأوفيرتون" (1970): أنه من السهل مراقبة الأحداث واستخلاص النتائج طالما أن العالم مصور بهذه الطريقة (ص131).

 

أما النموذج الشمولي فيرى العالم ككل متكامل تسوده علاقات متفاعلة ومتطورة, ويركز على فكرة: أن جوهر المادة في نشاطها وحركتها وليس في حالتها السكونية. وانطلاقاً من ذلك فإنه من الصعب أن يتشابه عنصران. إذاً بالنتيجة: إن منطق استنتاج الحقيقة اعتماداً على الفكرة التحليلية التي تنادي بوجود اختلاف نوعي وحيد, هو منطق مرفوض نظراً لتعدد الفروقات النوعية. وبدلاً من ذلك التصور, فإننا نستنتج مفهوم الوحدة المتمثل بوجود عالم وحداني يقول بأن الحقيقة كل عضوي واحد وليست عالماً متعدد الأجزاء والتراكيب. فالوحدة تنشأ من وجود تلك الفروقات النوعية المتعددة, حيث تجد في هذه التعددية مكاناً لها, وكما يقول (ريس وأوفيرتون, 1970, ص133): الصيرورة هي أصل الوجود والتغير هو عنوان الثبات.  

 

فالوحدة الوظيفية في الطبيعة هي عضوية وليست ميكانيكية. يقول "ريس و أوفيرتون,1970": "إن طبيعة الكل, بدلاً من مجموع أجزائه, تستلزم وجود الأجزاء بالضرورة بحيث يشكل الكل أساساً لمعنى هذه الأجزاء." وتبعاًً لذلك فقد تم استبدال المسبب الفعال بالمسبب الشكلي الذي يحدثه جوهر طبيعة الشكل. إذاً بالنتيجة: إن إمكانية التنبؤ بهذا الكون وإخضاعه للقياس والتقويم هو أمرغير وارد.

 

 

فبالضرورة: إن وجهة النظر الكونية هذه تؤدي إلى نشوء النموذج الحيوي البشري الفعال, وذلك عند تطبيقها في مجال نظرية المعرفة وعلم النفس. وحسب هذا النموذج يكون الإنسان فعالاً وليس تفاعلياً فهو المؤثر وليس المتأثر. فهو بطبيعته منتج للأفعال أكثر من كونه مجموعة من الأفعال التي تحدثها القوى الخارجية. وبناءً على ذلك, فإن الأجزاء تبدو كوحدة منظمة حيث تكون هذه الأجزاء متسلسلة في الوحدة والتي بدورها تمنحها المعنى والوظيفة, لذلك تصبح مفاهيم البناء والوظيفة النفسية أو الوسائل والنتائج مركزية بدلاً من كونها مستمدة.

 

وهناك دراسات عديدة تسعى لاكتشاف مبادئ النظام بغرض تفسير الطبيعة وعلاقتها بالأجزاء والكل, والبنى والوظائف, بدلاً من أن تستمد هذه العلاقات من أجزائها بمجرد ضم بعضها إلى بعض. ويركز أنصار هذا النموذج على العمليات والتغيرات من حيث النوع أكثر من تركيزهم  من حيث الكم, فالتركيز هنا برأي (ريس وأوفيرتون, 1970, ص133-134) سيكون على دور الممارسة في تعزيز أو تضليل النمو بدلاً من اعتبار التدريب مصدراً للنمو. وبعد كل ما تقدم من مفاهيم, دعونا الآن نلقي نظرة  خاطفة على نظريات التعلم المستخلصة من التجارب التي أجريت لدراسة تعلم الأطفال والحيوانات.

 

النظريات التي ترتكز على النموذج العنصري

يعد "جون بي. واطسون" (1878-1958) مؤسس النظرية السلوكية, أما "إدوارد إل. ثورندايك" فهو أول من أجرى تجارب منظمة حول ظاهرة التعلم, قام من خلالها بدراسة التعلم عند الحيوان ونشر النتائج عام 1898 في كتابه "الذكاء الحيواني". يشبه "ثورندايك" المتعلمين عديمي الخبرة بالكائنات الحية الفارغة من حيث أن استجابتهم للمثيرات تكون تلقائية وعشوائية. ويجدر الإشارة هنا إلى أن تلقي المكافآت والتعديلات يدعم الاستجابة ويعززها مما يقوي الرابطة بين المثير والاستجابة. وفي هذه الحالة, يكون المثير (إس) تحت سيطرة المجرب(أو المعلم) بشكل كامل وكذلك الأمر بالنسبة للاستجابة (آر), وما على المجرب إلا أن يقوي الرابطة بين المثير والاستجابة كما سبق وذلك عن طريق تعزيز هذه الاستجابة عند  تعاطي الشخص مع المثير نفسه.

 

وقد اتفق على تسمية هذا الاقتران بين الانطباعات الحسية وبين الدوافع لإنجاز العمل باسم "الترابطية" أو "الربطية". ولهذا يعود سبب تسمية نظام "ثورندايك" في بعض الأحيان "بعلم النفس الترابطي" أو" بالترابطية" ليكون أول إنجاز في مجال سيكولوجية التعلم من حيث علاقة المثير بالاستجابة (إس-آر).

 

طور "ثورندايك" ثلاثة قوانين لتعلم الإنسان والحيوان وهي:

1-  قانون الاستعداد: وهو يتعلق بالظروف التي تجعل المتعلم في حالة من الرضى أو عدمه, وهذا بدوره ما يحدد درجة حماسته للتعلم.

2-  قانون الممارسة: حيث أن لها أثراً كبيراً في تقوية الروابط.

3-  قانون الأثر: وهي النتائج النهائية التي تؤثر على الروابط فإما أن تقويها أو تضعفها.

 

توفي "ثورندايك" عام 1949 بعد سنوات طويلة من البحث والمثابرة, وبتشجيع من الأصدقاء والنقاد ليتوصل بذلك إلى نظام فكري متقن ومطور إلى حد كبير. حيث أن نظامه يشكل   إحدى ركائز نظريات التعلم السلوكية.

 

أجرى "ثورندايك" أبحاثه انطلاقاً من فكرة الترابط بين المثير والاستجابة, في حين قام العالم الوظائفي الروسي "إيفان بافلوف" (1849-1936), بإجراء تجاربه وصولاً إلى مفهوم الأفعال الانعكاسية الشرطية. يصف "هيلغرد وباور" (1966) تجربة "بافلوف" الكلاسيكية كما يلي:

نضع مسحوقاً من اللحم على لسان الكلب فيسيل لعابه. الطعام هنا هو المثير الطبيعي, في حين أن سيلان اللعاب هو الاستجابة الطبيعية. بعد ذلك نأتي مع الطعام بمثير آخر محايد مثل الضوء. نكرر ذلك عدة مرات مع مراعاة المسافة الزمنية, نجد عندها كيف أصبح الضوء وحده قادراً على إحداث الاستجابة بدون وجود الطعام. ندعو الضوء في هذه الحالة بالمثير الشرطي (الصنعي) والاستجابة التي يحدثها بالاستجابة الشرطية. (ص48)

 

وقد أدت تجربة "بافلوف" إلى ظهور نظام باسم "الاشتراط الكلاسيكي" وهذا ما ميزه عن النتائج اللاحقة والتي سميت "بالاشتراط الوسيلي" و"الاشتراط العاملي". وقد طور "بافلوف" مفاهيم وتقنيات جديدة كأساس للنظام السلوكي. منها: التعزيز، الانطفاء، التعميم، والتمييز. حيث يتم تفسير هذه المفاهيم كما يلي:

 

بداية نتساءل ماذا يحدث في التعزيز؟ ففي هذه العملية يتم تثبيت الاستجابة الشرطية من خلال دمج المثير الشرطي مع المثير الطبيعي مرات عدة  وخلال فترة زمنية محددة. أما الانطفاء: فيكون أثناء إيقاف التعزيز وإظهار المثير الشرطي وحده دون المثير الطبيعي. التعميم: حيث أن الاستجابة الشرطية التي يحدثها المثير تظهر عند إضافة مثيرات أخرى إذ ليس من الشرط أن يكون هناك تشابهاً بين هذه المثيرات والمثير الأول. التمييز: فالتباين يؤدي إلى استبعاد التعميم الأول, حيث يتم بذلك تعزيز أحد المثيرين باستمرار على حساب المثير الآخر, فيصبح المثير الإيجابي (أو المعزز) قادراً على إثارة الاستجابة الشرطية بينما يفقد المثير السلبي (أو الغير معزز) قدرته على إحداث هذه الاستجابة.

 

ويؤكد أصحاب النظرية السلوكية جميعهم ضرورة دراسة علم النفس بطريقة قابلة للملاحظة والقياس, سواء أكان الأمر متعلقاً بالدوافع الفيزيائية والحركات العضلية والإفرازات الغدية التي نثيرها, أو بالمنتجات البيئية التي نقدمها. وقد اختلف العلماء السلوكيون فيما بينهم بشأن النتائج والقياسات, غير أنهم اتفقوا على تجنب الملاحظات الذاتية في أبحاثهم (هيلغرد وباور, 1966, ص75).

 

ركز "واطسون" على أهمية المثيرات الحركية التي استخدمها العلماء في تجاربهم على الحيوانات, حيث قام بتطبيقها على الإنسان, ليستخلص من ذلك أن الفكر ما هو إلا كلام ضمني, حيث أن الوسائل الحساسة قادرة على كشف العلاقة الضمنية بين حركات اللسان _أو غيره من الأعضاء_ وبين التفكير.

 

اعتمد "إدوارد آر. جاثري" (1886-1959) على أعمال "ثورندايك وبافلوف" وواطسون", وأضاف عليها مبدأ الاقتران بالتجاور بين الموقف والاستجابة. اعتمد "جاثري" قانوناً واحداً للتعلم يقوم بتفسير كل نواحي التعلم وينص على ما يلي: "عندما تصاحب المثيرات حركة ما, فإنها تغدو  تابعة لتلك الحركة عند تكرارها". (هيلغرد وباور, 1966, ص77) ووفقاً لمبدأ "جاثري": فإن التركيز يكون على انتقاء المثيرات الفيزيائية من قبل المتعلم والتي سيستجيب وفقاً لها. وتبعاً لذلك فإن للانتباه ومراقبة السلوك دور هام قبل حدوث الارتباط.

 

فيما بعد قام طلاب "جاثري, شافيلد وفوكس"، بتوضيح وصياغة نظام "جاثري" الفكري. إلا أن أبحاث "بي.إف.سكنر" وزملاؤه أحدثت تطوراً كبيراً في علم النفس السلوكي. كان عمل "سكنر" وزملاؤه عماداً لظهور تقنية التعليم المبرمج التربوية, إضافة لتقنيات التعليم الأخرى والتي أصبحت شائعة في الستينات. (وقد قمنا بتقديم موجز لأفكار "سكنر" في الفصل الرابع).

 

لقد ظهرت حركة تطور جديدة في علم النفس السلوكي وذلك خلال العقود الوسطى من القرن العشرين حيث تمثلت بنظرية "السلوك المنظم" لصاحبها "كلارك إل.هال" ثم بتعديلها من قبل "ميلر وسبنس ومورير" وآخرين. تشكل نظرية "ثورندايك" الأساس المفهومي لنظرية "هال" ويعود السبب في ذلك إلى تركيز "هال" على التعزيز كسمة أساسية للتعلم. أنشأ "هال" نظرية دقيقة في الاستنتاج الرياضي[w1]  تدور حول فكرة رئيسية مفادها أن هناك متغيرات تطرأ على الكائن الحي تقوم بتحديد نوعية الاستجابة التي ستحدث كنتيجة لمنبه ما. كما قام "هال" بتطوير ستة عشرة مسلّمة تتعلق بجوهر وآلية عمل تلك المتغيرات ثم قام بعرض هذه المسلمات وذلك باستخدام مصطلحات دقيقة كي يسهل إخضاعها للقياس الكمي. قام "هيلغارد وباور"  بتقدير مدى تأثير عمل "هال" وفق ما يلي:

يجب أن نسلم بداية بأن نظام "هال" كان الأفضل في ذلك الوقت, ونحن لا ننادي بضرورة اقترابه من علم النفس أو استمرارية تعميماته. باختصار: نلاحظ أن هذا النظام يعمل بنجاح ليشمل أدق التفاصيل. ولا ننكر أن "هال" قد بذل قصارى جهده ليجعل منه نظاماً كمياً في جميع أجزائه وذلك لسهولة إخضاعه للاختبارات التجريبية.... يتبين لنا هنا أن المساهمة الأساسية لهذا النظام لا تكمن في جوهره بل في اعتباره نظاماً نفسياً كمياً حقيقياً بعيداً عن أنظمة المدارس التي غدت مصدر قلق بالنسبة لعلم النفس. (ص,187)

 

وبدون شك, فإن عمل "هال" قد حث على ظهور عدد من نماذج التعلم الرياضية التي طورت بعد عام 1950 على يد "إستس وبورك وموستيلر وبوش" وغيرهم من العلماء. ومما ينبغي ذكره هو أن تلك النماذج ليست نظريات تعلم بحد ذاتها بل تمثيلات رياضية للنظريات الأساسية.



هذه المقالة تتألف من عدة صفحات، استخدم التالي، والسابق للتنقل بين صفحاتها. وكذلك يمكنك استخدام الفهرس

< السابق التالي >



فهرس المقالة

مقدمة في تعلم الكبار:: نظريات التعلم







السابق
إيلاف نت التالي